لاتحزن – للدكتور عائض القرني

“اسعد واطمئن وأبشر وتفائل ولا تحزن” 

فالمقصد من”لا تحزن” جلب السعادة، والهدوء، والسكينة، وانشراح الصدر، وفتح باب الأمل والتفاؤل، والفرح، والمستقبل الزاهر. وجاء الكتاب ليواكب مئات الرسائل في البحث عن السعادة، وهو خطاب مفتوح لكل من يحترم عقله، ونزلت كلماته من قلب ملسوع ملدوغ

حوى هذا الكتاب عناوين وموضوعات كثيرة أعيشها أنا وأنت فإذا وقعت المصيبة، وحلت النكبة، وجثمت الكارثة، نادى المصاب المنكوب: يا الله. فباسمه تشدو الألسن، وبذكره تطمئن القلوب، وبالشكر تدوم النعم؛ فاحمد الله على العافية الوارفة، والنوم الهانىء، والماء البارد، والحبز الدافىء؛ فإنك في نعم عميقة، ولكنك لا تدري وتذكر قول الله: “وفي أنفسكم أفلا تبصرون” واكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا على مكتبك تقول: (يومك يومك) واصرف لهذا اليوم تركيزك، واهتمامك وإبداعك، وكدّك، وجدّك. اطوي ملف الماضي، وأحزانه، وأغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان، وقيده بحبال قويّة في سجن الإهمال، فلا يرى النور، لأنه مضى وانتهى. ولا يشغلك الغد، ولاتستبق الأحداث أتريد اجهاض الحمل قبل تمامه؟! فلا تسأل عن أخباره ولا تنتظر زحوفه؛ لأنك مشغول باليوم. اشرح صدرك بالإحسان وفعل الخير “ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق” ولا تصادر جهود الآخرين، ولا تركن للراحة فإنها غفلة، ولا للفراغ فإن الفراغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية. إذا قم صلِّ، أو اقرأ، أو سبّح، أو طالع، أو أكتب، أو انفع غيرك. يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ريٌّ، ومع الدمعة بسمة، فلا تجعل المصيبة مصيبتين؛ بل اصنع من الليمون شرابا حلوا. وحق عليّ وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء فصح عن الرسول محمد صلى الله عليم وسلم أنه قال: “ألِظوا بيا ذا الجلال والإكرام” أي: الزموها. فلا تأسف على مصيبة فإن الذي قدرها عنده جنّة، وثواب، وعوض، وأجر عظيم. ولا طعم للحياة إلا بالإيمان، وبقدر إيمانك تكون سعادتك، وراحتك، وطمأنينتك، فأقبل على الحياة كما هي وتعزّ بأهل البلاء ولك في النّبي عليه السلام قدوة وقد وُضع السَلى على رأسه، وأدميت قدماه، وشُجّ وجهه، وحوصر في الشِعْب حتى أكل ورق الشجر، وطُرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورمي عِرض زوجته الشّريف، وقتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه وأكثر بناته في حياته، واتهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كاذب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لاأعظم منه. استقبل ما لاتحب وترضى من أحزان ومكاره برحابة صدر، وبقوة إرادة، ومناعة أبيّة، واصبر وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع؟! واصبر وما صبرك إلا بالله. وكن هيّنا ليّنا تتناسى الإساءة وتحلم وتصفح ومن أحق الناس بذلك زوجتك وأولادك فمن أسباب سعادة البيت: لين الخطاب من الطرفين والبيت السعيد: هو العامر بالألفة، القائم على الحب، المملوء تقوى ورضوانا “وجعل بينكم مودة ورحمة” وإن الرجل إذا عدد محاسن امرأته وتجافى عن النقص سعد وارتاح، وفي الحديث: “لا يفرُك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر” ومعنى لا يفرك: لا يبغض ولا يكره؛ فهذه حُلَل منسوجة لا يرتديها إلا السعداء. ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، واجعل ثمنك إيمانك وخلُقُك اجعل ثمنك الجنّة. إن الفقر والعوز والخمول، ماكان-يوما من الأيام-عائقا في طريق التفوق والوصول والحقيقة أن الإسلام بني على الوسطية، والإعتدال في العقائد والعبادات، والأخلاق، والسلوك، فلا عبوس قاتم، ولاقهقهة عابثة؛ لكنه جدّ وقور، وخفة روح واثقة. فابتسم فرسولنا أكرم الناس كان يضحك أحيانا حتى تبدو نواجذه
إن السرور والإنشراح يأتي مع العلم؛ لأن العلم عثور على الغامض أمّا الجهل فموت للضمير “إني أعظك أن تكون من الجاهلين” لا تحزن وسوف أخبرك بما تفعله إن أصبت بالأرق احرص على قراءة الأذكار، واهجر النوم بالنّهار إلا لحاجة ماسة، والزم القراءة والكتابة حتى النوم ففيها فوائد منها
طرد الوسواس، وتنمية العقل، والإستفادة من تجارب الناس، واجتناب الخوض في الباطل. ثم اتعب الجسم بالعمل النافع نهارا، وقلل من شرب المنبهات كالقهوة والشاي.
وإيّاك أربعا: الأولى: التسخط من قضاء الله وقدره. الثانية: الوقوع في المعاصي بلا توبة. الثالثة: الحقد على الناس، وحب الإنتقام منهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله. ويقال: لا راحة لحسود الرابعة: الإعراض عن ذكر الله

إذن فما هي السعادة؟

“كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل” “فطوبى للغرباء” ليست السعادة شيكا يُصرَف، ولادابّة تشترى، ولاوردة تُشمّ، ولا بُرّا يكال، ولا بَزّا يُنشر. السعادة سلوة خاطر بحقٍّ يحمله، وانشراح صدر لمبدأ يعيشه، وراحة قلب لخير يكتنفه. إنّ من تعاسة العبد: ظلمه لعباد الله، حتى قال أحد الحكماء: “خف ممن لم يجد له عليك ناصرا إلا الله” وهنالك إخبار ووعد وبشارة من الله للذين آمنوا قوله جلّ وعلا: “إنّ اللهَ يُدافعُ عن الذينَ ءامنوا”. وإذا أراد الله شيئا هيَّأ أسبابه، وما هناك أتعس من الذي يريد أت يكون غير نفسه وفي الحديث: “كلٌّ مُيسر لما خُلِق له”. فحسان بن ثابت لا يجيد الآذان، لأنه ليس بلالا، وخالد بن الوليد لا يقسم المواريث، لأنه ليس زيد بن ثابت، 
وعلماء التربية يقولون: حدِّد موقعكَ. لا تحزن، واعلم أنك بوساطة الكتب يمكن أن تنمي مواهبك وقدراتك.
لا تحزن إن قل مالك أو رَث حالك فقيمتك شيء آخر فقال علي-رضي الله عنه-: “قيمة كل امرىء ما يحسن”.
لا تحزن، فإن الأيام دول، وكل بطاح من الناس له يوم بطوح. لا تحزن، فيسر عدوك وفي الحديث: “اللهم لا تشمت بي عدوا ولاحاسدا”.
لا تحزن أيها الإنسان فآن الأوان أن تداوي شكك باليقين فاطمئن: فإن العواقب حسنة، والنتائج مريحة، والخاتمة كريمة. وفي الحديث: “خير العمل ما داوم عليه صاحبه وإن قل” فأرجوك بلا فوضوية ولتكن خطواتك مدروسة. ويقول الشوكانيّ: أوصاني بعض العلماء فقال: لاتنقطع عن التأليف ولو أن تكتب في اليوم سطرين. قال: فأخذت بوصيته، فوجدت ثمرتها.

وإليك نماذج من السعداء والأشقياء. فيا سعادة هؤلاء: أبو بكر-رضي الله عنه-بآية: “وسيجنبها الأتقى* الذي يؤتي ماله يتزكى”. وسعد بن معاذ-رضي الله عنه-اهتز له عرش الرحمن. وحنظلة-رضي الله عنه- غسلته ملائكة الرحمن. ويا شقاوة هؤلاء: فرعون: “النار يعرضون عليها غُدوّا وعشيّا”وقارون “فخسفنا به وبداره الأرض”. وأبو لهب “تبت يدا أبي لهب وتبّ”
وأسأل الله لي ولكم أن نكون من السعداء. وأختم هذا العرض بحمد الله، ولكني لا أختم معكم بمشروع القراءة حياة، ويكون العطاء بقدر ما يقدر لي الجبار.

  رابط تحميل الكتاب من هنا 

لاتحزن1

المصدر 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*