السلطان الحائر لتوفيق الحكيم

حُكمَ علي رجل في عصر سلاطين المماليك بالإعدام عند آذان الفجر ، وبين الشد والجذب والضجيج الذي كان يفتعلانه الجلاد والرجل المجكوم عليه بالإعدام أطلت غانية  وخادمتها من شرفة منزلها والتي كانت تقطن بجوار السجن، لتطلب من الجلاد بالكف عن الإزعاج ؛ ولكن لم يجدي معه الكلام نفعاً مما أدي إلي نزول الغانية وخادمتها والتحدث مباشرة مع الجلاد مع توجيه وابل من الإهانات له. بينما هما كذلك استرعي انتباه الغانية الرجل المحكوم عليه بالإعدام وراحت تسأل الجلاد عن تهمته ، وعندما شرع  الرجل المحكوم عليه بالإعدام أن يقول سبب إعدامة ؛ سارع الجلاد بتحذيره لغلق فمه. ولكن الرجل استطرد يقول ؛ انه لم يقدم للمحاكمة بعد.. وانه ارسل مظلمتة للسلطان يسأله حقه في أن يمثل بيد يدي قاضي القضاة، ولكن للاسف فالقاضي الآن هو آذان الفجر فعندما يقترب سوف تقطع رقبته.

تطلعت الغانية إلي السماء وادركت أن الفجر يكاد يبزغ ، وقررت أن تنقذ هذا الرجل المظلوم إلي أن يتم فحص مظلمته عند السلطان.

أستطاعت الغانية أن تقنع المؤذن بدعوته لإحتساء شراب ساخن ليصلح صوته الذي آثر فيه البرد ، وبالفعل صعد المؤذن لبيت الغانية. يأتي الوزير في الصباح ليتأكد أن حكم الإعدام قد نُفذَ ، ولكن يفاجأ أن الرجل مازال علي قيد الحياة ، وبدوره يسأل الجلاد عن السبب في عدم التنفيذ فيخبره الجلاد انه لم يسمع آذان الفجر ، ويقوم الوزير بسؤال المؤذن عن آذان الفجر، فيؤكد المؤذن أنه قد آذن في الميعاد و تبادر الغانية و خادمتها بأنهن سمعن الآذان كما أعتدن كل يوم وإن الجلاد كان مخمور ويغط في نوم عميق .

يشتاط الوزير غضباً فهو يريد تنفيذ المهمه في سرية تامة ، بينما هما علي هذه الحالة يأتي السلطان في موكبة بصحبة قاضي القضاة، ويتسأل عن سر وجود هذا الرجل في قفص الإتهام ولما لم يقدم للمحاكمة العادلة ، وراح الوزير يروي للسلطان بإن هذا الرجل ارتكب جرم بإدعائه أنك مازالت عبداً رقيقاً يامولاي السلطان العظيم، وانه هو نفسه النخاس الذي باعك في صباه إلي السلطان الراحل. استغرب السلطان من الوزير متسائلاً وما الضير في ذلك ! فكل سلاطين المماليك السابقين كانوا عبيداً وقد تم تحريرهم، السلطان الراحل هو نفسه كان كذلك، يسارع الوزير بإن ليست هذه هي التهمة بل الجريمة  الحقيقة ؛ إدعاء ذلك الرجل بإنك مازالت عبداً رقيقاً يامولاي السلطان ولم يتم تحريرك بعد فقد نسي السلطان الراحل ان يعتقك من الرق.

يغضب السلطان ويأمر الوزير بإعلان وثيقة العتق علي الملاء لتكذيب كل هذه الاقاويل ولكن يفاجأ السلطان بإنه لا يملك وثيقة عتق من الرق والعبودية.

ينفرض السلطان بالقاضي ووزيره بعد علمه بإنه لاتوجد وثيقة عتق له في القصر فقد توفي السلطان السابق آثر ازمة قلبية قبل أن يعلن وثيقة العتق، ويبادر الوزير بإنه اختار الحل وكان علي وشك تنفيذه ؛ ألا وهو قطع رقبة هذه الرجل المحكومة عليه وتعليقها في الساحة أمام الناس فما من لسان بعدئذ يجرؤ علي الكلام!..، ولكن القاضي سارع بالرد قائلاً : إن السيف حقاً قاطع للألسنة والرءوس … ولكنه ليس بقاطع في المشاكل والمسائل…وسيظل السلطان في نظر الناس عبد رقيق يحكم شعب حر طليق.

اقترح الوزير أن يكذبوا علي الناس بإن السلطان تم عتقه ووثيقة العتق موجوده والويل الويل لمن يكذب ذلك ، ولكن رفض القاضي الأشتراك في تلك المؤامرة وقال نحتكم للقانون والذي يقضي بإن يكون مولاي السلطان حراً ، فيجب بيع السلطان في مزاد علني كونه متاعاً مملوكاً لبيت المال حالياً .

وبين السيف والقانون احتار السلطان ترجيح اي منهم هل يسفك قليل من الدم في سبيل صلاح الجكم !؟ أم أنه يلجأ لرأي القاضي والذي رأي السلطان أن يبدأ بقطع رأس القاضي ولكن الوزير أشار عليه بألا يصنع شهيد من هذا القاضي …وما من ميته أروع من هذه يتمناه مثل هذا الشيخ المهدم ! … سوف يقال إنك حطمت القانون والشرع فيه … وسوف يصبح هو الرمز الحي لروح الحق والمبدأ… ورب شهيد مجيد له من التأثير والنفوذ في ضمير الشعوب ما ليس لملك جبار من المللوك !… فلا تنله هذا المجد يامولاي علي حساب الموقف !….

يكظم السلطان غيظه تجاه القاضي … ويسأل وزيره ما العمل ، ويحاول الوزير مع القاضي ان يجد حلاً وسطاً وحيلة تخرج السلطان من المأزق علي أن يقوموا هم بشراء السلطان سراً ويحرروا صك العتق ولكن القاضي علي موقفه ؛ فمزاد بيع السلطان وجب أن يكون في العلن.

وبعد جدال طويل بين السلطان ووزيره والقاضي والذي اختتم كلامه قائلاً : السيف يعطي الحق للأقوي ، ومن يدري غداً من يكون الأقوي؟ أما القانون فهو يحمي حقوقك من كل عدوان ؛ لأنه لا يعترف بلأقوي … إنه يعترف بالأحق !… والآن فما عليك يامولاي سوي الاختيار: بين السيف الذي يفرضك ولكنه يعرضك وبين القانون الذي يتحداك ولكنه يحميك !…

في نهاية المطاف الجدالي وبعد طول تفكير يرضخ السلطان لمشورة القاضي ؛ للجوء للقانون الشرعي وليس للسيف والقوة.

وبالفعل عرض السلطان للبيع في مزاد علني في المدينة وتبارا الناس علي شرائه ، وفي النهاية رسي المزاد علي رجل اتضح في النهاية انه موكل من قبل الغانية. لقد اصبح السلطان مملوكاً للغانية وحدثت مشادات بين القاضي والوزير والغانية والسلطان في نهاية المطاف اتفقا علي أن يبيت لليله في بيت الغانية وبعدها تحرره.

لمعرفة نهاية الراوية وكيف قضي السلطان لليلته في بيت الغانية وهل ياتري نفذت وعدها بتحرير وثيقة العتق! أم ان السلطان أصبح مملوكاً للغانية طيلة العمر

تابع نهاية الراوية علي رابط التحميل هذا  

س الحائر

 

دُمتم في رعاية الله

صفاء العربي

 

 

 

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*